منتدى دعم السياسات الاقتصادية
التقرير الذي اطلقه منتدى دعم السياسات الاقتصادية امس الاول حول الموازنة العامة للدولة لعام 2012 يستحق التوقف عنده لأمرين رئيسيين. الاول انه يصدر عن جهة مستقلة تضم في عضويتها اشخاصا لهم خبرتهم في مراكز الانتاج الثلاثة, القطاع الخاص والحكومة والقطاع العام, اضافة الى آخرين من كافة مستويات العمل المدني والاكاديمي والشبابي ولعل التجربة المنطقية العقلانية ستتيح تقييم ذلك المنتدى مع مرور الوقت, بيد ان من الانصاف القول اننا امام تجربة اردنية بحت هدفها التنوير والدراسة والبحث لايجاد حلول منطقية بعيدة عن المصالح الشخصية تتناسب وواقعنا الآني والمستقبل الذي نتمناه للاجيال القادمة.
اما الامر الثاني الذي يدعوني للوقوف امام التقرير يتمثل بالنتائج التي توصل اليها في مجال الموازنة العامة للدولة الاردنية لعام ,2012 فمن ناحية قد نكون للمرة الاولى امام تقرير يتناول موازنة عامة للدولة وليس موازنة حكومة وموازنة وحدات حكومية كل على حدة, وكأن شأن الدولة يدار بالقطعة وبالتجزئة, وهو ما شوه دوما الصورة الكلية للموازنة العامة وللمديونية وللعجز المالي وفي النهاية شوه الحلول المنطقية المطلوبة.
ذلك ان ادارة شأن الدولة بالقطعة جعلنا نعتقد ان العجز المالي للدولة للعام المقبل هو 1027 مليون دينار, وانه تم تخفيضه عن العجز المالي للعام الماضي, في حين ان حقيقة الامر أن عجز موازنة الدولة الاردنية للعام المقبل هو اكثر من ثلاثة مليارات دينار اردني من دون المساعدات والمنح المتوقعة, وهذه هي الحقيقة المرة التي يجب ان نستيقظ عليها, من دون التعويل على المنح والمساعدات التي قد تأتي وقد لا تأتي وان أتت فإن لها ثمنا سياسيا لا يستطيع احد ان يدعي معرفته لقيمته او وزنه الحقيقي اليوم.
في ظل هذه المحصلة نبه التقرير الى ثلاث حقائق لا يمكن اغفالها: الاولى; أن ذلك العجز المشار اليه يمثل في الحقيقة ما يزيد على 13% من الناتج المحلي الاجمالي وهو عجز يزيد بقيمته المطلقة والنسبية عن العجز الذي بدأنا به برنامج التصحيح الاقتصادي عام ,1992 والحقيقة الثانية; أن النسبة الحقيقية للدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي قبل المساعدات هي 74% هذا اذا ما نسبت الى ارقام الناتج المتوقع لعام 2012 اما اذا ما نسبت الى ارقام الناتج المتوقعة لعام 2011 فان تلك النسبة تصل الى نحو 81% وهي نسبة مفزعة تطيح بكل جهود الاصلاح السابقة لكونها تعبر عن تيار متصاعد في نسبة ورقم المديونية خلال السنوات الخمس الماضية.
والحقيقة الاخيرة تكمن في الدعوة الى ضرورة اعداد برنامج اصلاح اقتصادي وطني واضح المعالم, ذلك ان التعامل مع التشوهات المختلفة التي يشهدها الاقتصاد الوطني لا تحل بلمسة ساحر او بالدعاء والتمني, وانما لا بد من برنامج متوسط طويل الامد يضع السبل السليمة لاعادة قطار الاقتصاد الوطني الى مساره السليم.
ختاما, امام الحكومة ومجلس النواب واصحاب القرار منتدى مجاني وخبرات متراكمة اتمنى ان تلجأ اليهما للمساعدة في التعامل مع القضايا الحساسة لا ان ينتهي الامر بالحكومة باصدار بيانات تفند هذا الرقم او تلك النسبة, فنحن امام بيت خبرة مجاني ارجو ان نستفيد منه للاردن لا ان نعتبره جبهة معارضة يجب وأدها بالسرعة الممكنة. وكل عام والاردن بالف بخير بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
http://alarabalyawm.net/pages.php?articles_id=18218