مقابلة سعادة الدكتور طلال أبوغزاله مع مجلة ارابيان بزنس
طلال أبو غزالة: نتهى عصر العولمة لعالم ليس قرية صغيرة بل ثقافات وشعوب ومصالح
بقلم حسن عبد الرحمن في يوم الأحد, 18 سبتمبر 2011
يتحدث طلال أبو غزالة رئيس مجموعة أبو غزالة الدولية في الاقتصاد والسياسة ويضع تنبؤات قد تخالفه فيها ولكنها تفاجئك بصحتها بعد حين، كنا نتحدث قبل أن تشهد أوروبا ما شهدته من اضطرابات اقتصادية واجتماعية، وكان جازما بحصول أعمال شغب وعنف وتظاهرات في لندن تحديداً وبعض دول أوروبا الأخرى، مثل اليونان والبرتغال ومجموعة الدول الأوروبية التي لم تنفعها مظلة الإتحاد الأوروبي.
على عكس الكثير من الخبراء والاقتصاديين الذين تحدثوا سلبا عما يمكن أن تجره الثورات العربية، يرى طلال أبو غزالة أن المنطقة ستشهد بعد سنتين نمواً في مختلف مؤشرات النمو، وربط توقعه هذا بالوقت الذي يجب أن تستغرقه القوانين والإصلاحات الجديدة لتعطي مفعولها على الأرض. طلال أبو غزالة ليس متشائماً كغيره أيضاً من اختطاف موجة الربيع العربي من قبل قوى داخلية وخارجية، وهو يعتقد بأن مجمل منظومة الوعي والبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الموجودة قادرة على حمل المرحلة المقبلة بكل أثقالها إلى وضع أفضل.
التغيير سمة التاريخ والمنطقة العربية ليست استثناء، وما يجري اليوم من أحداث في مصر وتونس وسورية وليبيا على تجلياته التي تأخذ أبعاداً خطيرة من تدخل أجنبي ومحاولات لاختطاف النتيجة النهائية، إلا أنه يقودنا إلى الخروج من حالة الركود و"الستاتيكو" التي بدأت بالتحول. عن مصر يقول أبو غزالة أن اقتصادها سيتحول بسرعة قياسية إلى تسجيل نتائج إيجابية وتوقع ألا يتأخر ذلك عن العام 2013. معتبراً إمكانات مصر المتنوعة مارداً بدأ بالنهوض بعد أن كبلته سياسات النظام القديم طوال الفترة الماضية.
يقول أبو غزالة: "التغيير اليوم سيحول هذه الاقتصاديات إلى اقتصاديات جديدة. اليوم نعيش فترة انتقالية، وفي دولة مؤسسات كمصر سيكون هذا التحول سريعاً، ولذلك أتوقع أن اقتصاد مصر خلال 10 سنوات سيكون من أهم اقتصاديات العالم".
ولا يعتبر أبو غزالة أن هذا الكلام تفاؤلاً أو تمنيات، ويقول: "لا ليس تفاؤلاً إذا كانت تركيا اليوم الاقتصاد رقم 17 في العالم دعني أقول بما تتميز تركيا عن مصر، إن التغيير الجديد سيجعل من مصر تركيا جديدة وفي عصر تقنية المعلومات سيكون اللحاق بالتطور أسرع وسيأخذ وقتاً أقل بكثير".
وضع تونس كما يرى أبو غزالة سيكون أفضل. فتونس لم تتعرض لخضّات قوية ولم تتأذى البنية الأساسية وبقيت المؤسسات بمنأى عن حالة الفوضى إلى حدٍ ما، وهذا يجعل العملية الانتقالية أسهل. ويقلل أبو غزالة من العقبات التي يمكن أن تواجه الاقتصاد التونسي على الصعيد السياسي ذلك أن وجود تقاليد سياسية عريقة ووجود نقابات وأحزاب يجعل من تونس حالة مناسبة لسرعة التغيير، خاصة وأن الوعي الاجتماعي والسياسي التونسي هو من بين الأفضل في المنطقة، كما أن القيادات التونسية الموجودة تتمتع بالخبرة والنزاهة.
ومع أن ليبيا تعد استثناء بنظر أبو غزالة، لأنها لا تملك مقومات الدولة ولا توجد فيها مؤسسات راسخة كما هو الأمر في تونس ومصر، إلا أن الشعب الليبي قادر على تجاوز محنته وآثار الدمار التي سببتها الحرب، وقادر على مواجهة اختطاف النتائج من قبل الغرب الذي لعب دوراً سلبياً في مسير الثورة الليبية. ما يجعل أبو غزالة متفائلاً، سببان هما التاريخ والجغرافيا، يقول: "كان ديغول يضع كتب التاريخ أمامه على مكتبه، ويضع خرائط للعالم على الحائط، فالتاريخ والجغرافيا كانا دائماً مؤشراً على مستقبل أي منطقة، وجغرافية المنطقة العربية بخصوصيتها وأهميتها تجعلها أقدر على تجاوز العقبات وتعطيها فرصة لاستثمار نتائج التغيرات الجديدة.
يضيف: "استغرقت أوروبا لخروجها من عصر الظلام إلى عصر النهضة 20 سنة، ولكن المنطقة في عصر المعلومات الجديد ستأخذ وقتاً أقل بكثير".
لا يتخوف أبو غزالة من محاولات الغرب التدخل في قرار الدول العربية بعد الثورات التي حصلت، ولا من اتفاقية كامب ديفيد على سبيل المثال، فخسارة مصر لدورها الإقليمي ولثروتها من الغاز ولدورها في أفريقيا لم يكن نتيجة لاتفاقيات. بل كان نتيجة تخلي النظام المصري عن قراره المستقل وفقدانه للإرادة والتصور المستقبلي لدور مصر التي كانت مؤثرة في إقليمها طوال تاريخها القديم والحديث.
وعلى العموم كان النظام المصري يعتقد أنه بتنازلاته يكسب بعض النفوذ لدى الغرب أو بعض الأفضلية، ولكن في عالم السياسة أنت قوي بقدر ما تملك من أوراق وبقدر ما تحرص على مصالح شعبك. اليوم مصر مثلا تبحث عن أوراق قوتها وتستفيد منها وتستخدمها في علاقات ها مع الدول الأخرى، وفي لعبة الأمم أنت قوي بما تملك من أوراق القوة وتحسن استخدامها.
في الترشح للرئاسة المصرية يؤيد أبو غزالة ترشح عمر موسى ويعتبره شخصية مناسبة لقيادة مصر الجديدة، عازفاً عن اعتراضات الكثير من المصريين على شخصية عمر موسى التي تراجعت شعبيته بعد دخوله مستنقع الجامعة العربية وبعد أن اعتبره الكثيرون سبباً في إعطاء الأطلسي للمبررات بدخول ليبيا، خاصة وأنه شخصية غير محبوبة من قبل شباب الثورة.
معوقات خارجية
لا يعتقد أبو غزالة أن العوامل الخارجية ستعيق تقدم الثورات العربية ويستشهد بموقف السلطات المصرية الجديدة بفتح المعابر دون خوف يقول: "أعتقد أن العوامل الخارجية لن تعوق التطور المصري على الرغم من الحديث عن القوى التي ستحاول التدخل لإبقاء نظام يخدم مصالح أمريكا وإسرائيل". ويتساءل هل هناك في كامب ديفيد نص يقول بمحاصرة المصريين كما كان يحدث في الماضي، هل هناك نصاً يقول بإهمال مصادر المياه، أعتقد أن الحكومة المصرية ستكون مختلفة".
هذا الاختلاف سيجعل من مصر تركيا جديدة سياسياً واقتصادياً، وليس هناك ما يعيق مصر عن استكمال ثورتها". فلا الاتفاقات الدولية ولا الضغوط يمكن أن تحرف المسار الجديد، ومن خرج إلى الشارع بهذه القوة يمكنه الضغط أيضاً لتحقيق إنجازات أخرى".
وعن سورية يقول مخالفاً الكثيرين أيضاً ممن يجدون في النظام عقبة أمام تحقيق سورية الجديدة: "أنا شخصيا لا أعتقد بأن النظام في سورية سينهار، ولا أعتقد أن مصلحتي كفلسطيني الأصل أن ينهار، وأعتقد أنه خلال سنتين سيتغير الوضع في سورية للأفضل، فالشعب السوري وطني، لكنه أذكى من الوقوع في شراك الفوضى، وإذا كانت هناك مطالب للشعب فهذا حق وستتحقق يقول: "أنا أراهن على قدرة النظام السوري على إجراء إصلاحات تلبي مصالح شعبه".
نسخة PDF