الأردني طلال أبو غزالة: «تسونامي» يهدد مؤسسات التعليم العربي
الأردني طلال أبو غزالة: «تسونامي» يهدد مؤسسات التعليم العربي
عمان - تامر الصمادي
الثلاثاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٢
رأى رجل الأعمال الأردني من أصل فلسطيني طلال أبو غزالة، مؤسس مجموعة «طلال أبو غزالة الدولية» ورئيسها، «أن العالم سيكون قريباً على أعتاب تسونامي جديد من شأنه أن يقضي على مختلف المؤسسات التعليمية، إن لم تتمكن هذه الأخيرة من التواؤم مع متطلبات العصر وخصوصاً تقنيات التعليم الحديث».
وكان أبو غزالة، الذي تقدم مؤسسته خدمات في مجالات المحاسبة والاستشارات ونقل التكنولوجيا والملكية الفكرية، يتحدث إلى «الحياة» على هامش مؤتمر «وايز» للابتكار في مجال التعليم». وهو انتخب أول رئيس لشبكة «مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم» لعام 2012، ومنح الجائزة العربية «للإبداع الإعلامي» في الكويت عن العام ذاته. وهنا نص الحديث:
> ماذا تعني لكم المشاركة في مؤتمر «وايز»؟
- المشاركة في مؤتمر «وايز» تعني الكثير. وأهمية هذا المؤتمر تنبع من كونه يتكلم عن الإبداع الرقمي في التعليم والتعلّم. هناك مؤتمرات كثيرة تعقد للتحدث عن طرق التعليم وكلها مفيدة، لكن ما هو مفيد أكثر أن ندرك تماماً أننا أمام «تسونامي» جديد من شأنه أن يقضي على مؤسساتنا التعليمية إن لم تتمكن هذه الأخيرة من التواؤم مع متطلباته. هذا الـ «تسونامي» هو إعصار المعرفة وتقنية المعلومات والاتصالات في التعليم الجديد. وعلينا أن ندرك جميعاً أننا أمام ثورة رقمية عالمية، وعلينا أن لا ننتظر اللحاق بالآخرين. يجب أن نقول أين سيتجه العالم لنكون معه في الوقت نفسه، وعلى سبيل المثل يتجه العالم الآن إلى فكرة إلغاء الحرم الجامعي، ومن هنا جاء التوجه إلى إنشاء جامعة «طلال أبو غزالة» في الأردن أخيراً.
> وما هي هذه الجامعة؟
- هي اختراع جديد على مستوى العالم. تهدف إلى تغيير نظام التعليم والتعلّم في العالم من خلال وسائل الاتصال الحديثة. باعتقادي أن الحرم الجامعي لم يعد المكان الوحيد لغايات التعلّم. هذه الجامعة مثلاً تسعى إلى تحقيق الديموقراطية في التعلم من خلال الاستعانة المباشرة بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت). الجميع ينادي بإلزامية التعليم لكل المجتمعات، أما نحن فننادي بأحقية الإنسان في أن تتاح له فرصة التعلّم على أعلى المستويات. منذ افتتاح الجامعة سعينا إلى تقديم البرامج الخاصة بأهم 500 جامعة على مستوى العالم عبر استخدام الإنترنت ووسائل التقنية الحديثة بما فيها «الفيديو». ليس لدينا برامج تعليمية نقدمها للطلاب المنتشرين في مختلف أنحاء العالم، لكننا نمثل البوابة التي تمكنهم الدخول إلى إحدى هذه الجامعات والانتساب إليها والحصول على شهادة معترف بها دولياً، في مقابل تحصيل ربع تكاليف الدراسة التي كان سيدفعها الطالب لو أنه سافر إلى الجامعة التي يريد الانتساب إليها.
> يفهم من كلامك أنك ضد الأدوار النمطية التي تقوم بها الجامعات والكليات المنتشرة في مختلف البلدان العربية؟
- لا، ليس كذلك، فأنا أحد الذين يمتلكون جامعة أخرى تدرس المنهاج في شكل تقليدي في دولة البحرين. بالتأكيد لا أريد إلغاء دور الجامعة أو الكلية، كل ما أريده وأسعى إليه يتمثل في أن تتحول هذه المؤسسات إلى مؤسسات تعليمية رقمية. لذا، يتوجب علينا أن نمكن مؤسساتنا التعليمية من الحصول على الاعتماد الدولي ولن يتحصل ذلك إلا من خلال الاستعانة بوسائل الاتصال الحديثة، وأن تكون هذه المؤسسات صالحة لمجتمع المعرفة.
> إذاً هناك الكثير من التحديات؟
- طبعاً، فنحن نقود ثورة، والثورات دائماً ما تواجه صعوبات جمة. وعلى سبيل المثل عندما نتكلم إلى أشخاص يمتلكون مدرسة أو جامعة تم إنشاؤها منذ 40 سنة كمشروع مربح، ونقول لهم إما يتغير أسلوبكم التعليمي من خلال الاستعانة بوسائل الاتصال الحديثة أو أن يجرفكم إعصار التغيير، فإن ذلك لن يكون أمراً سهلاً بالنسبة إليهم. صحيح أن الصعوبات كثيرة لكن، يجب أن يكون طموحنا بمقدار تاريخنا، ولا يمكننا أن نتخذ القرار السليم من دون الرجوع إلى الجغرافيا والتاريخ. ونحن بمنطق هذين المرتكزين بإمكاننا أن ندير معركة التحول العلمي بكل جرأة وجسارة لمواجهة «تسونامي» المعرفة.
> ما هي أولوياتكم في هذه المرحلة؟
- نعمل حالياً على إطلاق أول موسوعة عربية في شكل رقمي ربما ترى النور مطلع العام المقبل. هذه الموسوعة أطلقنا عليها اسم الـ «تاجي بيديا» وتهدف إلى منافسة الموسوعة الحرة الشهيرة الـ «ويكيبيديا». وستتضمن كل ما يخص المحتوى العربي منذ بداية الحضارة العربية وعلى مختلف الصعد والمجالات، لتكون مرجعاً للطالب، والباحث، ولمن يريد أن يعرف أكثر عن هذه الأمة العظيمة. بدأنا العمل على هذه الموسوعة في مجموعة «طلال أبو عزالة» منذ أشهر طويلة، ووجدنا أن المحتوى الأساسي الموجود على الـ «ويكيبيديا» شحيح جداً ولا يتعدى 170 ألف معلومة عن الحضارة العربية. لذا، نسعى إلى إعلان أول موسوعة نادرة من نوعها، لتضع الأمة العربية في مكانتها اللائقة.
> أليس التوجه إلى صناعة الحاسوب بالنسبة لمجموعتكم مجازفة غير محسوبة النتائج، خصوصاً مع وجود شركات عالمية ضخمة مختصة في هذا المجال؟
- علينا أن نكون صناعاً للمعرفة من خلال استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لصنع اختراعات معرفية جديدة، ولا عذر لنا إن لم نكن مخترعين. صحيح أن بداية المشروع كانت صعبة للغاية لكوننا دخلنا في منافسة «العمالقة»، وصحيح أننا اصطدمنا منذ اللحظة الأولى بمقاومة عنيدة من جهة الشركات المصنعة، لكننا واجهنا كل التحديات ونجحنا في صناعة أول جهاز لابتوب خاص بالمجموعة في غضون عام واحد فقط وأطلقنا عليه اسم «تاجي توب 1». واليوم فرغناً أيضاً من صناعة النسخة الثانية من جهاز، «تاجي توب 2»، وذلك عبر شراكة قوية مع شركة سامسونغ العالمية.
> وكيف تقوّمون هذه التجربة؟
- البداية كانت صعبة للغاية، لم تكن لدينا الخبرة المطلوبة، لكننا أردنا أن نوضح للجميع ضرورة أن نمتلك جهازاً تتوافر فيه أعلى المواصفات الدولية ليوصل الناس بمجتمع المعرفة وبسعر الكلفة فقط (350 دولاراً) وبحمدالله نجحنا في إيصال ما نريد.
> وماذا عن مشروع السحابة الإلكترونية الذي أعلنت عنه مجموعتكم أخيراً؟
- السحابة الإلكترونية ليست موجودة إلا في السعودية وتركيا، وبدعم وتمويل كامل من القطاع الرسمي الحكومي، ونحن في مجموعة «طلال أبو غزالة» كنا المؤسسة الأولى الخاصة التي نجحت في إنشاء أول سحابة إلكترونية على مستوى المنطقة، لتعليم التقنيات الحديثة.
والسحابة الإلكترونية هي جزء من السحابة الكبيرة التي تمثلها الشبكة العنكبوتية، وتعني تملك جزء صغير من الإنترنت. وتهدف إلى تمكين عمال وموظفي المجموعة من الوصول إلى بياناتهم وتطبيقاتهم وأماكن التخزين عن بعد ومن أي جهاز مزوّد بخدمة الإنترنت وفي أي وقت وأي مكان. كما تهدف إلى تزويد الجامعة بطرق نقل جميع تطبيقاتها وأنظمتها وبرمجياتها إلى سحابة إلكترونية بما يسمح بتعدد الخيارات، لدعم برامج إدارة التجهيزات الافتراضية، وأنظمة التشغيل، وبيئات التطوير، إضافة إلى البنية التحتية والتطبيقات المختلفة.
ومن مزايا استخدام نظام السحابة الإلكترونية الوصول إلى المعلومات بطريقة سهلة، وتعزيز أمن المعلومات، إضافة إلى المركزية التي تتحقق باعتماد بنية تحتية مشتركة واحدة، إذ إن هذه التقنية تعتمد اعتماداً كلياً على سرعة الإنترنت.